تكون الأم هي الشخص الأول الذي يتعلق به الطفل منذ الميلاد فهي التي تقوم برعايته و إرضاعه منذ ثدييها ثم يليه تعلق الطفل بالأب فهما مقدمي الرعاية ، ثم التعلق بالأخوة ، ثم العلاقات الاجتماعية ، من هنا تتأتي أهمية نظرية التعلق التي تكون واحدة من أهم النظريات في علم نفس التي تستهدف دراسة العلاقات الإنسانية خاصة من النوع الطويل الأمد ، بما في ذلك علاقة الطفل و بالوالدين الأم و الأب منذ لحظة الميلاد ، وكيف يتأثر بوجودهم ، و كيف يتصرف في أوقات غيابهم عنه ، نظراً لأهمية النظرية في تكوين شخصية الطفل تلقي اهتماماً و بحثاً كبيراً من قبل الأمهات الحديثات الولادة لتعزيزها في قدرتهن على تربية و رعاية المولود بشكل صحيح ، لذلك نسلط الضوء علي تلك النظرية عبر أنا مامي ، لكن أولاً نبدأ ب ما هي أنماط التعلق لمعرفة أنواعها ، فتابعونا.
وفقاً لنظرية التعلق بأن لها مجموعة من الأنواع أو الأنماط المهمة التي تساعد على فهم النظرية و كيفية تعلق الطفل بمقدمي الرعاية الأولى في لحظات اتصاله بهم أو انفصاله عنهم.
التعلق الآمن
التعلق الآمن أقوى أنواع تعلق الطفل بمقدمي الرعاية.
يكون مقدمي الرعاية للطفل بمثابة مصدر الأمان ، حيث يشعر بالضيق عند انفصاله عنهم ، يشعر بالفرح حين عودتهم إليه .
كما أن احتياج الطفل لمشاعر الأمان تدفعه إلى البحث عن مقدم الرعاية حين يشعر بالخوف حتى لو كانت الطريقة البكاء كنوع من الاستغاثة ليعود إليه مشاعر الراحة و الاطمئنان.
التعلق المتجنب و الرافض
أنه شعور الطفل بعدم اهتمام مقدمي الرعاية له أو عدم شعورهم به مما يؤثر سلبياً على علاقة التعلق.
خاصة عدم الاهتمام حين يعاني الطفل من ضائقة نفسية أو عاطفية.
يتحول هنا قوة التعلق إلى تجنب التعلق و رفضه.
فلا يشعر بالطفل بمشاعر الضيق أو الحزن عند تغيب مقدم الرعاية عنه ، كما لا يشعر بالفرح حين عودته إليه.
قلة التعلق بين الطفل و مقدم الرعاية تدفعه إلى الانخراط بسهولة مع الغرباء .
لا يعتمد على مقدمي الرعاية في اكتشاف عالمه .
يهتم الأطفال بالألعاب و البيئة الخارجية أكثر من مقدمي الرعاية بسبب قلة التعلق الناتجة عن إهمال مقدمي الرعاية باحتياجات و مشاعر الطفل الرضيع.
يؤثر هذا النمط من التعلق على الطفل طول فترة حياته في علاقاته بمقدمي الرعاية ، إلى جانب العلاقات الاجتماعية.
التعلق الغير آمن المتناقض
يملك الطفل مشاعر مضطربة في علاقته بمقدمي الرعاية ، فيعتمد عليه في أوقات ، لا يعتمد عليه في أوقات أخرى.
يسبب هذا النوع من التعلق صعوبات لدى الطفل بما يتعلق بقدرته على اكتشاف العالم ، لأنه لا يعتمد عليهم كلياً في كل الأوقات.
يظهر الطفل مشاعر متضاربة يشعر بالاضطراب مع انفصال مقدم الرعاية عنه ، يصدر تصرفات غريبة مع عودة مقدم الرعاية مثل العدوان .
يؤثر هذا النوع من التعلق على الطفل في المستقبل لأنه لا يثق في علاقاته الاجتماعية .
نشأة نظرية التعلق و كيف تطورت
جون بولبي عالم النفس البريطاني ، يرجع لديه الفضل الأول في نشأة نظرية التعلق ، فهو أول من فكر في هذه النظرية.
كان هذا العالم مهتماً بشكل خاص بمحاولة فهم تأثر تعلق الطفل بمقدمي الرعاية مقابل القلق الذي يشعر به عند انفصاله عنهم ، أو تغيبه عنه.
وصف التعلق بأنه الارتباط النفسي بين البشر بشكل دائم ، إشارة منه إلى ارتباط الطفل بمقدمي الرعاية الأولية (الأم ، الأب).
من ناحية أخرى ، اقترح علماء نفس آخرون أن تعلق سلوك متكسب يتكسبه الطفل منذ الميلاد ينمو بداخله مع مقدمي الرعاية الأولية نتيجة لعلاقة الطفل بالأم التي تحرص على إرضاعه من ثدييها و توفير له الغذاء ، فلحظة وضع الطفل داخل ثدي الأم للحصول على اللبن ، هي كافية لتكوين علاقة تعلق بين الطفل و الأم التي تكون أول مقدم رعاية له ، أول من يقيم معه علاقة تعلق متكسبة .
كان رد جون بولبي على آراء هؤلاء العلماء ، أن التغذية ليس سبب السبب الوحيد أو الكافي لتعلق الطفل بمقدمي الرعاية الأوليين خاصة الأم ، برهن على قوله أن التعلق يرتبط بأنماط سلوكية واضحة تحفز الطفل على القيام بتصرفات تشير إلى قوة التعلق بينه و بين مقدمي الرعاية.
حيث لاحظ العالم بولبي قلق الأطفال الرضع حين ينفصلوا عن مقدمي الرعاية ، مما يجعلون يسعون للبحث عنهم و الاقتراب إليهم للحصول على الراحة و الأمان ، هذا التصرف يفعلونه أيضاً مع مشاعر الخوف و التوتر ، الأمر الذي يبرهن على أن علاقة الطفل بمقدمي الرعاية علاقة طويلة الأمد قوية تربها روابط قوية أكثر من أنه مصدر للحصول على الغذاء.
فهم نظرية التعلق
في إطار ما توصل إليه العالم جون بولبي عن تعلق الطفل بمقدمي الرعاية ، فقد قدم تعريف بسيط يساعد على فهم هذه النظرية بشكل بسيط.
يقول أن التعلق هو رابط عاطفي بين شخصين على الأقل تبدأ بالروابط المبكرة التي تكون بين الطفل مع القائمين على رعايته أو مقدمي الرعاية الأولية الأساسية الممثلين في الأم و الأب ، فأنها علاقة تجمعها عواطف قوية تبدأ منذ الميلاد ، و تكون طويلة الأمد.
أيضاً أشار أن تعلق الطفل الرضيع بأمه هو سر إبقائه دائماً قريباً منه ، هذا الأمر يمنحه مشاعر إيجابية بالأمان و الراحة مما يعزز من قدرته على البقاء على قيد الحياة .
اعتراض العالم بولبي على آراء العلماء الذين وصفوا أن التعلق بين الطفل و مقدمي الرعاية الأولية أو الأساسية بأنه تعلق متكسب ، حيث أكد أنه تعلق غريزي فطري يجمعه روابط قوية كثيرة.
موضوع نظرية التعلق
الموضوع الذي يدور حوله نظرية التعلق أن مقدمي الرعاية الأولية أو الأساسية الممثلين في الأم و الأب ، هم من يقومون بتلبية احتياجات الطفل الرضيع منذ الميلاد ، الأمر الذي يعزز لديه مشاعر الأمان و الحماية و الراحة النفسية.
فيكون مقدم الرعاية بالنسبة للطفل شخص يمكن الاعتماد و الاتكال عليه .
الأمر الذي يبني قاعدة آمنة لديه يساعده في تكوين شخصية ، التي تبدأ باكتشاف العالم الخارجي المحيط به.
هذا يساعد على تكبير مجتمعه و عالمه الصغير فيكبر بشكل تدريجي بمختلف مراحل العمر .
عوامل تؤثر على التعلق
توصل مكتشفي نظرية التعلق أنها ليس عملية ثابتة بل تتأثر بعامل هام .
عامل فرصة التعلق : هناك أطفال ليس لديهم فرصة للتعلق بمقدمي الرعاية ، وهم الذين ولدوا أيتام ، أو في دار رعاية للأيتام ، الأمر الذي يفتقدون فيه مقدم الرعاية الأول ( الأم ثم الأب) ، هذا يؤثر سلبياً على تكوين شخصيتهم خاصة مشاعر الأمان و الثقة بالنفس .
فلا ينشأ هذا الطفل بنفس نفسية الطفل المتعلق بمقدمي الرعاية الأولية الذين هم له مصدر مسئول قادر على الاتكال و الاعتماد عليه.
بعد التعرف على ما هي أنماط التعلق و أهميتها في علاقة الطفل بمقدمي الرعاية الأم و الأب مع علاقاته الاجتماعية الأخرى ، بهذا يكون قد انتهى مقال اليوم لكننا نفتح مجال للنقاش عبر التعليقات التي نجيب عليها بعد الرجوع إلى الخبراء لتقديم إجابة و معلومات صحيحة تمكن الأمهات و الآباء من التربية الصحيحة للأطفال منذ الميلاد ، وشكراً للمتابعة.